يبرز الذكاء الاصطناعي في دول الخليج كقوة دافعة لتحويل اقتصاد دول الخليج العربي، في عالم يتجه نحو الاقتصادات المعرفية. ومع تراجع الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، تستثمر دول مثل الإمارات والسعودية وقطر مليارات الدولارات في تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز التنافسية، خلق فرص عمل جديدة، ودعم التنمية المستدامة. وفقًا لتقرير برايس ووترهاوس كوبرز، من المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي بـ 320 مليار دولار في اقتصادات الشرق الأوسط بحلول 2030، مع مساهمات كبيرة في الإمارات (14% من الناتج المحلي) والسعودية (12.4%). يستعرض هذا المقال دور الذكاء الاصطناعي في اقتصاد دول الخليج، مستندًا إلى أحدث البيانات، مع تسليط الضوء على المبادرات، التحديات، والفرص المستقبلية.

الذكاء الاصطناعي في دول الخليج: النقاط الرئيسية

  • يُتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي بـ 320 مليار دولار في اقتصاد الشرق الأوسط بحلول 2030، مع مساهمات كبيرة في الإمارات (14% من الناتج المحلي) والسعودية (12.4%).
  • تستثمر دول الخليج في الذكاء الاصطناعي لتنويع اقتصاداتها بعيدًا عن النفط، مع مبادرات مثل استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي ورؤية السعودية 2030.
  • تشمل التحديات نقص الكفاءات المتخصصة، الحاجة إلى أطر تنظيمية، والطلب المتزايد على الطاقة.
  • الشراكات الدولية، مثل صفقات مع OpenAI وNvidia، تعزز مكانة الخليج في الذكاء الاصطناعي عالميًا.

الذكاء الاصطناعي: التحول نحو اقتصاد معرفي بالخليج

يبدو أن الذكاء الاصطناعي يشكل مستقبل اقتصاد دول الخليج، حيث تسعى هذه الدول للابتعاد عن الاعتماد على النفط. تشير التقارير إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يضيف مئات المليارات إلى اقتصادات المنطقة، مع تركيز على قطاعات مثل الرعاية الصحية، التمويل، والنقل. الإمارات والسعودية تتصدران هذا التحول من خلال استثمارات ضخمة ومبادرات استراتيجية.

الذكاء الاصطناعي دول الخليج: الفوائد الاقتصادية

يُظهر البحث أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعزز الإنتاجية ويخلق فرص عمل جديدة. على سبيل المثال، يُتوقع أن يساهم في خلق ملايين الوظائف في مجالات تطوير البرمجيات وتحليل البيانات. كما يساعد في تحسين كفاءة القطاعات التقليدية مثل الطاقة والتصنيع.

التحديات

على الرغم من التقدم، تواجه دول الخليج تحديات مثل الحاجة إلى تدريب الكوادر البشرية وتطوير قوانين تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي. كما أن الطلب المتزايد على الطاقة لتشغيل مراكز البيانات يتطلب حلولاً مستدامة.

النظرة المستقبلية

يبدو أن دول الخليج في طريقها لتصبح مراكز عالمية للذكاء الاصطناعي، مع استثمارات في البنية التحتية والشراكات الدولية. هذا التحول قد يعزز التنافسية الاقتصادية ويضمن مستقبلاً مستدامًا.

الإمكانيات الاقتصادية للذكاء الاصطناعي في الخليج

التأثير الاقتصادي العام للذكاء الاصطناعي في دول الخليج

تشير التقارير إلى أن الذكاء الاصطناعي سيُحدث ثورة اقتصادية في دول الخليج. وفقًا لتقرير برايس ووترهاوس كوبرز، سيساهم الذكاء الاصطناعي بـ 320 مليار دولار في اقتصادات الشرق الأوسط بحلول 2030، أي حوالي 2% من الإيرادات العالمية المتوقعة للذكاء الاصطناعي (15.7 تريليون دولار). في الإمارات، يُتوقع أن يصل تأثير الذكاء الاصطناعي إلى 14% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، بينما سيساهم بـ 135.2 مليار دولار (12.4% من الناتج المحلي) في السعودية. ومن المتوقع أن ينمو مساهمة الذكاء الاصطناعي بمعدل سنوي يتراوح بين 20-34% حتى 2030، مع أعلى معدلات النمو في الإمارات تليها السعودية.

المساهمة على مستوى القطاعات

يُظهر الذكاء الاصطناعي إمكانيات هائلة عبر قطاعات متعددة في دول الخليج. وفقًا لتقرير برايس ووترهاوس كوبرز، ستكون المساهمات الاقتصادية بحلول 2030 كالتالي:

القطاعالمساهمة الاقتصادية (مليار دولار)نسبة المساهمة في الناتج المحلي (%)
البناء والتصنيع9912.4
الطاقة والمرافق والموارد786.3
القطاع العام (الصحة والتعليم)5918.6
الخدمات المالية والإدارية3813.6
التجزئة والتجارة والسلع الاستهلاكية2319
النقل واللوجستيات1215.2
التكنولوجيا والإعلام والاتصالات1014

في القطاع المالي، بلغت الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي 28.3 مليون دولار في عام 2021، وهو ما يمثل 25% من إجمالي استثمارات الذكاء الاصطناعي في المنطقة، مما يعكس أهمية هذا القطاع في تبني التكنولوجيا.

الذكاء الاصطناعي في دول الخليج :المبادرات الاستراتيجية والاستثمارات

الإمارات: ريادة عالمية في الذكاء الاصطناعي

تتصدر الإمارات دول الخليج في تبني الذكاء الاصطناعي، حيث أطلقت استراتيجيتها الوطنية للذكاء الاصطناعي في أكتوبر 2017، وعينت سعادة عمر بن سلطان العولمة كأول وزير دولة للذكاء الاصطناعي في العالم. تشمل المبادرات الرئيسية استراتيجية دبي الذكية، مختبر الذكاء الاصطناعي الذكي، واستراتيجية دبي للطباعة ثلاثية الأبعاد (تهدف إلى بناء 25% من المباني باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد بحلول 2030)، واستراتيجية النقل الذاتي (تهدف إلى جعل 25% من النقل ذاتي القيادة بحلول 2030، مع تقليل التكاليف بنسبة 44% وانبعاثات الكربون بنسبة 12%). كما طورت الإمارات نموذج “جائس”، وهو نموذج لغة كبير باللغة العربية، لتعزيز التطبيقات المحلية.

السعودية: رؤية 2030 وتحول رقمي

تُعد رؤية السعودية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 من أبرز المبادرات التي تدفع نحو التحول الرقمي. تشمل الأهداف توفير سجلات صحية رقمية موحدة لـ 70% من المواطنين وزيادة نسبة مستخدمي الإنترنت من 63.7% إلى 85% بحلول 2020. استضافت المملكة قمة الذكاء الاصطناعي العالمية (GAIN) في الرياض في سبتمبر 2024، حيث أُطلق ميثاق الرياض للذكاء الاصطناعي في العالم الإسلامي لضمان استخدام أخلاقي للتكنولوجيا. كما طورت السعودية نموذج “ALLaM”، وهو نموذج لغة كبير باللغة العربية، بالتعاون مع Microsoft Azure وIBM Watsonx.

قطر: الاستعداد للذكاء الاصطناعي

تُعد قطر من الدول الرائدة في الاستعداد للذكاء الاصطناعي، وفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي. يُظهر التقرير أن زيادة تبني الذكاء الاصطناعي، مدعومًا بإصلاحات سياسية لتعزيز رأس المال البشري والابتكار، يمكن أن يولد مكاسب كبيرة في إنتاجية العمل على المدى المتوسط.

التطورات الأخيرة والشراكات

في مايو 2025، أفادت تقارير واشنطن بوست أن شركة OpenAI تجري مفاوضات مكثفة مع شركتي G42 وMGX في الإمارات لإبرام صفقة كبرى تهدف إلى بناء مراكز بيانات وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي. كما أعلنت Nvidia عن بيع مئات الآلاف من رقاقاتها المتقدمة إلى الإمارات، مما يعزز البنية التحتية للذكاء الاصطناعي. وتشمل التطورات صفقات تجارية بقيمة 200 مليار دولار بين الشركات الأمريكية والإماراتية، مع استلام G42 لـ 100,000 وحدة معالجة رسومية (GPU) وشحن 400,000 GPU إضافية إلى شركات أمريكية في المنطقة. هذه الشراكات تُظهر مكانة دول الخليج كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي.

التحديات والفرص

  • الطلب على الطاقة: تشير تقارير وكالة الطاقة الدولية إلى أن الطلب على الطاقة من الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات قد يتضاعف بحلول 2026. لحسن الحظ، تمتلك دول الخليج إمكانيات هائلة في الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية، لتلبية هذا الطلب.
  • نقص الكفاءات: تحتاج المنطقة إلى 120,000 مختص في الذكاء الاصطناعي بحلول 2030، مما يتطلب استثمارات كبيرة في التعليم والتدريب.
  • الحوكمة والأخلاقيات: تتطلب تطبيقات الذكاء الاصطناعي أطرًا تنظيمية واضحة لضمان الاستخدام الأخلاقي وحماية البيانات، وهو ما تسعى دول الخليج لتحقيقه من خلال مبادرات مثل ميثاق الرياض.
  • التنويع الاقتصادي: يُساعد الذكاء الاصطناعي في تقليل الاعتماد على النفط، مع توقعات بزيادة الناتج المحلي غير النفطي.
  • خلق فرص العمل: يُتوقع أن يولد الذكاء الاصطناعي ملايين الوظائف في مجالات تطوير البرمجيات وتحليل البيانات.
  • الريادة العالمية: تعزز الشراكات الدولية، مثل تلك مع OpenAI وNvidia، مكانة دول الخليج كمراكز عالمية للابتكار.

الذكاء الاصطناعي: نحو اقلاع خليجي واعد

الذكاء الاصطناعي في اقتصاد دول الخليج يُمثل قفزة نوعية نحو مستقبل اقتصادي مستدام ومبتكر. من خلال استثمارات ضخمة، مبادرات استراتيجية مثل رؤية السعودية 2030 واستراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، وشراكات دولية مع شركات مثل OpenAI وNvidia، تتجه دول الخليج نحو تحقيق ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي عالميًا. رغم التحديات مثل نقص الكفاءات والحاجة إلى أطر تنظيمية، فإن الفرص التي يوفرها الذكاء الاصطناعي في تنويع الاقتصاد وتعزيز التنافسية تجعله حجر الزاوية في مستقبل المنطقة. مع استمرار الاستثمار في التعليم والبنية التحتية، ستظل دول الخليج في صدارة الثورة التكنولوجية.

اهم المصادر:

اعداد: فريق موقع tanmyia.com